للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّاسُ، فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ قَالَ: فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ)): قام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه من المهاجرين يهرول حتى صافح كعبًا رضي الله عنه وسلم عليه وهنأه ولم يقم أحد من المهاجرين غيره؛ ولهذا فكان لا ينساها لطلحة، ففيه: دليل على جواز القيام للقادم لتهنئته والسلام عليه، فقد قام طلحة لكعب وهنأه رضي الله عنهما.

أما القيام من باب الاحترام لا للسلام فهذا مكروه، كما يفعله البعض في مجالس بعض الأمراء، أو الكبراء، إذا دخل واحد قاموا، ثم إذا جلس جلسوا، وأشد منه القيام على رأسه وهو جالس، فهذا محرم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض في مرضه الأول وصلى بالناس قاعدًا، والناس حوله قيام أشار إليهم أن يجلسوا فلما سلم قال: ((إِنْ كِدْتُمْ أَنْ تَفْعَلُوا فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ، يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ، فَلَا تَفْعَلُوا، ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ، إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا)) (١).

والقيام له ثلاث أحوال:

الحال الأولى: أن يقوم إليه يسلم عليه ويصافحه فهذا مشروع، كما فعل طلحة بن عبيد الله، لما قام لكعب رضي الله عنهما وصافحه وسلم عليه، وكما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ((إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فاطمة رضي الله عنها قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا)) (٢)، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة سعد بن معاذ رضي الله عنه لما جاءه على حمار قال: ((قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ)): (٣).

الحال الثانية: القيام للاحترام لا للسلام، فإذا دخل قاموا، وإذا جلس


(١) أخرجه ابن ماجه (١٢٤٠)، وابن حبان (٢١٢٢).
(٢) أخرجه أبو داود (٥٢١٧).
(٣) أخرجه البخاري (٣٠٤٣)، ومسلم (١٧٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>