للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه لفقره وقرابته، وقد تكلم في الإفك، فحلف أبو بكر رضي الله عنه أن يقطع عنه النفقة، ثم لما أنزل الله الآية أعادها إليه مرة أخرى.

والذين تكلموا بالإفك من الصحابة جُلدوا وطهَّرهم الله بالحد، جلد كل واحد ثمانين جلدة.

وأي هنتاه، يعني: يا هذه، أي: حرف نداء، وهنتاه: خطاب للمرأة.

وفيه: دليل على أن أهل بدر قد يقع الواحد منهم في المعاصي، فليسوا بمعصومين من الذنوب، ولكن إذا وقع أحدهم في معصية كبيرة فإن الله تعالى يهيئه لما يكون سببًا في مغفرة الذنب، إما بالتوبة وإما بأن يقام عليه الحد، أو غير ذلك، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية في بيان عقيدة الفرقة الناجية: ((لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَعْصُومٌ عَنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ وَصَغَائِرِهِ، بَلْ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الذُّنُوبُ فِي الْجُمْلَة، وَلَهُمْ مِنَ السَّوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ إِنْ صَدَرَ، حَتَّى إِنَّهُ يُغْفَرُ لَهُمْ مِنَ السَّيِّئَاتِ مَا لَا يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ، لِأَنَّ لَهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ الَّتِي تَمْحُو السَّيِّئَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ. ثُمَّ إِذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ عَنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ؛ فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ أَوْ أَتَى بِحَسَنَاتِ تَمْحُوهُ، أَوْ غُفِرَ لَهُ بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ، أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ. أَوْ ابْتُلِيَ بِبَلَاءٍ فِي الدُّنْيَا كُفِّرَ بِهِ عَنْهُ)) (١).

كما وقع لحاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه حيث وقع في كبيرة، حيث كتب للمشركين يخبرهم بحال النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ممن شهد بدرًا حتى استأذن عمر رضي الله عنه في قتله، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: ((وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ)) (٢).


(١) العقيدة الواسطية، لابن تيمية (ص ١٢١).
(٢) أخرجه البخاري (٣٠٠٧)، ومسلم (٢٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>