ثم بعد هذه الواقعة أنزل الله تعالى:{وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}، فلم يُصلِّ بعد ذلك على منافق.
وفيه: جواز تسمية الولد باسم أبيه وإن كان حيًّا، والعامة عندنا يستنكرون ذلك! ! وهو مردود بنص هذا الحديث؛ لأن اسم هذا الصحابي الجليل: عبد الله بن عبد الله بن أُبَيّ ولو كان مخالفًا لأنكره النبي صلى الله عليه وسلم.
وإخراجه صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أُبي من قبره محمولٌ على أنه استخرجه بعد ما دُلِّيَ في حفرته، وليس المراد: أنه أخرجه بعد الدفن.
وقد جاء في رواية عند البخاري أن ((جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى، وَأُتِيَ بِالعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ قَمِيصًا، فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ؛ فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ)) (١)، أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبسه قميصَه مكافأةً له لَمَّا أعطى قميصَه للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يوم بدر، فقد كان العباسُ رجلًا طويلًا وكان عبدُ الله بنُ أُبَيٍّ رجلًا طويلًا، فلم يجد العباس رضي الله عنه ثوبًا على مقداره إلَّا ثوبَ عبد الله بن أُبَيٍّ، فأعطاه ابنُ أُبَيٍّ إياه.