للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَعْبُدُهَا دَوْسٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِتَبَالَةَ (١)، فهذه الأحاديث وغيرها صريحة في أن الشرك واقع في هذه الأمة.

وأما حديث الباب فلا حجة لهم فيه على أن الشرك غير واقع في هذه الأمة؛ لأن العلماء رحمهم الله قد أجابوا عنه بثلاثة أجوبة:

الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: إن الله أيأس الشيطانَ، وإنما أخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يئس أن يعبده المصلون لَمَّا رأى انتشار الإسلام وظهوره، ودخول الناس في دين الله أفواجًا، فهو صلى الله عليه وسلم ليس معصومًا في رجائه؛ فقد وقع خلاف ظنه عليه السلام.

الثاني: أن المراد بـ ((الْمُصَلُّونَ)): في قوله صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ)): هم الصحابة رضي الله عنهم، فتكون ((أل)) في ((المصلون)) للعهد الذهني، أي: الصحابة المعهودون في زمن الوحي، وهم الذين رسخ الإيمان في قلوبهم.

الثالث: أن المعنى: أن الشيطان يئس أن تُطْبِقَ الأمة على الشرك وتجتمع عليه، وهذا صحيح، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الحديث الصحيح بقوله: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ لَا يُبَالُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ، أَوْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)) (٢).

وهذه الأجوبة كلها صحيح، إلا أن الجواب الأول هو أحسنها.


(١) أخرجه البخاري (٧١١٦)، ومسلم (٢٩٠٦).
(٢) أخرجه أحمد (١٦٨٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>