للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، فَقُلْتُ مِثْلَهُ، لا أَدْرِي، فَيَقُولانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلأَرْضِ: التَئِمِي عَلَيْهِ، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ، فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلاعُهُ، فَلا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ)) (١) - اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة!

وقوله: ((لولا ألَّا تَدَافَنُوا) أي: لولا خوفي أن تتركوا التدافن مخافة أن يصيبكم من العذاب ما أصاب الميت ((لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) أي: عذاب الميت في القبر؛ فإنكم لو سمعتم ذلك لتركتم موتاكم بلا دفن مخافة أن يعذبوا، أو لاشتغال كل منكم بنفسه حتى يفضي بكم هذا إلى ترك التدافن.

وقيل: إن (لا) زائدة، ومعناه: لولا أن تموتوا من سماعه؛ فإن القلوب لا تطيق سماعه، فيصعق الإنسان لوقته، فكنى عن الموت بالتدافن.

وقيل: المعنى: لولا أنكم تُفشون ما تسمعون من تعذيب فلان وتتحدثون به ولا تكتمونه لدعوت الله أن يُسمعكم من عذاب القبر ما أسمع.

وفيها: دليل على وجوب الإيمان بعذاب القبر.

وفيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أُمتَه بالتعوذ بالله من عذاب القبر، ومن الفتن ما ظهر منها، وما بطن، ومن فتنة المسيح الدجال.

وقد خالف في إثبات عذاب القبر ونعيمه الخوارج والمعتزلة:

أما المعتزلة فأنكروا عذاب القبر ونعيمه، وقالوا: إن العذاب إنما يكون للروح، وأما الجسد فلا يعذَّب (٢)، وهذا من جهلهم وضلالهم.

والصواب: أن الروح تُعذَّب وتُنعَّم مفردة، ومتصلة بالجسد، والأحكامُ في البرزخ على الروح أَغْلبُ منها على البدن، ويوم القيامة على الروح


(١) أخرجه الترمذي (١٠٧١).
(٢) مقالات الإسلاميين، للأشعري (٢/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>