والجسد على حد سواء، كلٌّ ينال قسطه من العذاب، أو من النعيم.
وحجة المعتزلة وغيرهم من العقلانيين: أننا لو فتحنا القبر لَمَا وجدنا نارًا يُعذَّب بها الميت، ولا وجدنا نعيمًا ينعم به، ولا وجدنا أن الميت يفسح له في قبره مدَّ البصر، ولا نجد ملكين يُقعدانه.
وهذا من جهلهم وضلالهم؛ لأن هؤلاء- والعياذ بالله- حكموا عقولهم القاصرة على النصوص، وردوا منها ما لم تقبله، فأحوال الآخرة والبرزخ تخالف أحوال الدنيا وأحكامها، فهي أمور غيبية يجب على المسلم أن يؤمن بها ويُسَلِّم بما جاء فيها من نصوص.
ثم إننا نشاهد في الدنيا نموذجًا مقارِبًا لأحوال البرزخ، فهذا النائم أحيانًا يتعذب بما يراه من كوابيسَ مزعجةٍ، وأحيانًا يتنعم بما يراه من رُؤًى صالحة، وأحلام طيبة، ومَن بجواره لا يدري عنه شيئًا.
وكذلك جبريل عليه السلام كان ينزل بالوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بجوار الصحابة، وهم لا يعلمون شيئًا، ولا يرون الملك، ولا يسمعون صوته.