حديث النواس بن سمعان هذا فيه معانٍ عظيمةٌ، وفوائدُ وأحكامٌ:
ففيه: ذكر ثلاثة أشراط من أشراط الساعة: الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج يأجوج ومأجوج، وهذه العلامات متوالية ومرتبة، ولم يذكر العلامة الأولى وهي المهدي، وهي ثابتة في غير الصحيحين.
وأحاديث المهدي ليست على شرط مسلم؛ لهذا لم يخرجها، وهي أحاديث كثيرة، منها: ما هو ثابت، ومنها: ما هو غير ثابت.
وقد ذُكِرَ في هذا الحديث الريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين، وهي متأخرة؛ لأنه ثبت أن البيت يُحَجُّ بعد يأجوج ومأجوج، فالريح الطيبة هذه متأخرة تكون بعد ذلك، ولا يلزم أن تكون بعد يأجوج ومأجوج مباشرة؛ لأن عيسى عليه السلام يعيش، ويمر زمن بعد إهلاك الله ليأجوج ومأجوج.
فمن تحقيره: قوله: ((إِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ))، وقوله:((أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى))، وأنه لا يستطيع قتل أحد بعد ذلك الرجل، وأنه يقتله عيسى عليه السلام، وأنه ينتهي أمره.
ومن تفخيمه، وتعظيمه: قوله: إن معه فتنًا عظيمة، ومعه خوارق العادات، حيث يأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، ويُفتن به كثير من الناس.
وقوله:((يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فِيهِ، وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ))، يعني: حتى ظنوا أنه قريبٌ منهم، وأنه موجود بسبب تحذيرهم منه وذكره لأوصافه، وتحقيره وتفخيمه.