وقوله:((وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ، فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ)): هذا- أيضًا- من الفتن، حيث يأتي الدجال إلى الخربة فيدعوها فتتبعه كنوزها، والخربة قد تكون تحت الأرض، فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، وهي جماعة النحل، واليعسوب هو أميرهم، والمراد بالنحل: الحشرة المعروفة التي يخرج منها العسل.
وقوله:((ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ، وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ))، أي: أنه يسلط على رجل، ولا يسلط على غيره، فيدعوه إلى الإيمان به، فيقول: أتؤمن بي؟ فيقول: أنت الدجال اللعين.
وقوله:((رَمْيَةَ الْغَرَضِ))، أي: يجعل بين الجزلتين مقدار رمية السهم، ثم يمشي بينهما، ثم يقول له:((قُمْ))، فيحييه الله عز وجل، فيقوم متهللًا يضحك، ثم يقول له- كما في الحديث الآخر-: ((هَلْ تُؤْمِنُ بِي؟ فيقول: مَا ازَدَدْتُ فِيكَ إِلَّا بَصِيرَةً))، أنت الدجال اللعين، فيأتي ليقتله بعد ذلك فلا يسلط عليه، وجاء في الحديث:((فَيُجْعَلَ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ نُحَاسًا، فَلَا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلًا)).
وقوله:((بَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤ)): هذه هي العلامة الثالثة، وهي نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء؛ لأن الله رفعه حيًّا، كما قال تعالى:{بل رفعه الله إليه} فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق واضعًا كفيه على جناحي الملكين.
وقوله:((بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ))، يعني: ثوبين مصبوغين بالورس، ثم الزعفران، وهما نوعان من الصبغ.
وقوله:((تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤ))، يعني: تنحدر منه حبات الفضة التي