للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

توصلني إلى بلدي، أعطني بعيرًا يوصلني إلى بلدي، وسأله بالله وذكَّره بحالته، فقال له: ((أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ، وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ، وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي)).

وقوله: ((أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ)): فيه: جواز السؤال بالله تعالى، وقد جاء في الحديث: ((وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ)) (١).

وقوله: ((فَلَا بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ)): فيه: أن عطْف المخلوق على الخالق يكون بـ ((ثُمَّ)) لا بالواو، فلا يقال: لا بلاغ لي اليوم إلا بالله وبك؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، وَشَاءَ فُلَانٌ، قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ)) (٢)؛ لأن الواو تقتضي التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في الحكم، وأما ((ثم)) فإنها للترتيب على التراخي، فلا يأتي المعطوف إلا بعد المعطوف عليه بمهلة وتراخٍ.

وفي هذا الحديث: أن الله تعالى يبتلي بالسراء والضراء، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}، أي: أن الله عز وجل يبتلي الإنسان بالخير ليختبره هل يشكر، أم يكفر؟ ويبتليه بالفقر ليختبره هل يصبر، أم يجزع؟

وفيه: أن ابتلاء الله تعالى لهم كان بإرسال الملَك إليهم، فسأل الأبرصَ: ماذا يحب؟ فـ ((قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ))، فصار جلده سليمًا، فسأله فـ ((قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْإِبِلُ- أَوَ قَالَ: الْبَقَرُ)((فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا)): والعُشَرَاء: هي الحامل القريبة الولادة.

والثاني: أتاه الملَك فقال له: ((أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ) أي: تذهب عني هذه العاهة، ((قَالَ:


(١) أخرجه أحمد (٥٣٦٥)، وأبو داود (١٦٧٢)، والنسائي (٢٥٦٧).
(٢) أخرجه أحمد (٢٣٢٦٥)، وأبو داود (٤٩٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>