للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذه الأحاديث: دليل على مشروعية تشميت العاطس إذا حمد الله، وأنه إذا لم يحمد الله فلا يشمَّت؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ)).

وفيها: دليل على أن من لم يحمد الله إذا عطس فلا يشمَّت؛ تعزيرًا له، ولعله يسأل فيستفيد بسبب ذلك.

وقد اختلف العلماء فى حكم تشميت العاطس- بعد إجماعهم على أن تشميته إذا حمد الله مشروع (١) - على ثلاثة أقوال:

الأول: ذهبت بعض الظاهرية إلى أن تشميت العاطس فرض-كما نقل ذلك ابن عابدين- على كل من يسمع حمده (٢)، وذكره ابن الْمُزَيِّن من المالكية (٣)، ويقال: إن أبا داود صاحب السنن يرى هذا القول؛ ولهذا لما سمع رجلًا عطس، وهو في الساحل قُرب البحر، وحمد الله، ذهب واستأجر قاربًا، وركب حتى وصل إليه وشمَّته (٤)، فدل على أنه يرى أن تشميت العاطس واجب.

الثاني: أنه مستحب (٥).

الثالث: أن تشميت العاطس فرض كفاية، كردِّ السلام، فإذا شمته البعض كفى (٦) وسقط عن الباقين، وإلى هذا ذهب الإمام مالك رحمه الله في المشهور عنه (٧)، وهو الراجح، كرد السلام.


(١) الإقناع، لابن القطان (٢/ ٣٠٨ - ٣٠٩).
(٢) حاشية ابن عابدين، لابن عابدين (٦/ ٤١٤).
(٣) إكمال المعلم، للقاضي عياض (٨/ ٥٤١)، الأذكار للنووي، للنووي (ص ٢٧١)، زاد المعاد، لابن القيم (٢/ ٣٩٧).
(٤) فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٦١٠).
(٥) فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٦٠٣).
(٦) الأذكار، للنووي (ص ٢٧١).
(٧) الشرح الصغير، للدردير (٤/ ٧٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>