للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد اختُلف في صيغة الحمد، وصيغة التشميت، وصيغة رد العاطس على الْمُشمِّت، قال النووي رحمه الله: ((قال القاضي: واختلف العلماء في كيفية الحمد والرد، واختلفت فيه الآثار، فقيل: يقول: الحمد لله، وقيل: الحمد لله ربِّ العالمين، وقيل: الحمد لله على كل حال، وقال ابن جرير: هو مخير بين هذا كله، وهذا هو الصحيح، وأجمعوا على أنه مأمور بالحمد لله، وأما لفظ التشميت، فقيل: يقول: يرحمك الله، وقيل: يقول: الحمد لله، يرحمك الله، وقيل: يقول: يرحمنا الله وإياكم، قال: واختلفوا في رد العاطس على المشمت، فقيل: يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم، وقيل: يقول: يغفر الله لنا ولكم، وقال مالك والشافعي: يخير بين هذين، وهذا هو الصواب، وقد صحت الأحاديث بهما، قال: ولو تكرر العطاس، قال مالك: يشمته ثلاثًا، ثم يسكت)) (١).

وظاهر الأحاديث: أنه لو تكرر العطاس ثلاثًا، وحمد الله- يشمته، وقال بعض العلماء: إنه يقتصر على ثلاث؛ لأن العاطس يكون مزكومًا، ويدعو له بالعافية، وجاء هذا في أحاديث ضعيفة، وفيها حديث لا بأس به، ذكره أبو داود في سننه، ولفظه: ((تُشَمِّتُ الْعَاطِسَ ثَلَاثًا، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُشَمِّتَهُ فَشَمِّتْهُ، وَإِنْ شِئْتَ فَكُفَّ)) (٢).

قال الأُبِّي رحمه الله: ((قوله: ((ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الرَّجُلُ مَزْكُومٌ)) قال النووي: يعني: أنك لست ممن يشمَّت بعد هذا؛ لأن هذا الذي بك مرض، فإن قيل: إذا كان مريضًا فكان الأولى أن يُدعى له؛ لأنه أحق بالدعاء من غيره، فالجواب: أنه يستحب أن يدعى له بالعافية، لا بدعاء العاطس. قلت: مذهب مالك: مَن تكرر منه العطاس أن يشمته ثلاثًا، ثم يمسك؛ لحديث أبي داود: ((شَمِّتْ أَخَاكَ ثَلَاثًا، فَإِنْ زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ))، ووقع في


(١) شرح مسلم، للنووي (١٨/ ١٢٠ - ١٢١).
(٢) أخرجه أبو داود (٥٠٣٦)، والترمذي (٢٧٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>