وفي الحديث رد على الرافضة الذين لا يرون المسح على الخفين؛ ولهذا أدخل العلماء هذه المسألة- وإن كانت تتعلق بالفروع والفقه- في كتب العقائد، يقولون:((ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر، كما جاء في الأثر)) (١)؛ لأن الرافضة لا يرون غسل الأقدام في الوضوء إذا كانتا مكشوفتين، ويرون مسح ظهور القدمين فقط، وإذا كان عليهما خفان وجب خلعهما ومسح ظهور القدمين؛ فهم يقولون: أعضاء الوضوء أربعة: اثنان تغسلان، وهما الوجه واليدان، واثنان تمسحان وهما الرأس والرجلان، واستدلوا بقراءة الجر في قوله تعالى:((فامسحوا برؤوسكم وأرجلِكم)) وأجاب الجمهور عَنْ قراءة الجر بجوابين:
الجواب الأول: أنها محمولة على المسح على الخفين، وقراءة النصب محمولة على غسل الرجلين المكشوفتين؛ لأن القراءة مع القراءة كالآية مع الآية.
الجواب الثاني: أن قراءة الخفض إنما هي لمجاورة المخفوض مع أنها في الأصل منصوبة بدليل قراءة النصب، والعرب تخفض الكلمة لمجاورتها للمخفوض، وما ذكره بعضهم من أن الخفض بالمجاورة معدود من اللحن الذي يتحمل لضرورة الشعر خاصة، وأنه غير مسموع في العطف، وأنه لم يجز إلا عند أمن اللبس، فهو مردود بأن غير واحد من أئمة اللغة العربية قد صرح بجوازه.
والقراءة المشهورة في قول الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم إلى الكعبين}{أرجلَكم} بالفتح، فتكون {وأرجلكم} عطفًا على