للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مختصرًا، وأما الرواية المطولة السابقة عن عمر بن الخطاب فقد انفرد بها مسلم رحمه الله، ولم يروها الإمام البخاري.

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه فيه: ((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، ومَلَائِكَتِهِ، وَكِتَابِهِ)) بإفراد ((وَكِتَابِهِ) وأما حديث عمر رضي الله عنه فورد فيه مجموعًا: ((وَكُتُبِهِ))، وهما بمعنى واحد، فقوله: ((وَكِتَابِهِ)) جنس، والمراد: الكتب؛ لأن المفرد إذا أضيف أفاد العموم (١).

ثم قال: ((واليَوْمِ الآخِرِ))، ويوم القيامة سمي اليوم الآخِر؛ لأنه في مقابلة اليوم الأول، فالدنيا هي اليوم الأول، والآخرة هي اليوم الآخر.

وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه لما سأله عن الإسلام قال: ((أَنْ تَعْبُدَ اللهَ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا) وأما في رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ((أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم) وهذا يدل على أن المراد بالشهادتين: توحيد الله عز وجل، ونفي الشرك، وليس المراد: لفظهما، ومجرد النطق بهما؛ لأن الروايات يفسر بعضها بعضًا.

والتوحيد: إفراد الله تبارك وتعالى بالعبادة، وعدم إشراك غيره معه، كما جاء في هذه الرواية: ((أَنْ تَعْبُدَ اللهَ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا) وفي حديث عمر رضي الله عنه: ((أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم))، والمعنى واحد، فالمراد: توحيد الله وإخلاص الدين له، ونفي الشرك، فتشهد لله بالوحدانية، ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة، مع العلم واليقين والإخلاص والصدق والمحبة والانقياد والقبول.

وهنا لما سأله عن الساعة قال: ((سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا، إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا) وفي رواية عمر رضي الله عنه قال: ((أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا))، وفي الرواية الأخرى ((بَعْلَهَا)).

ومعنى ربها وربتها: سيدها ومالكها وسيدتها ومالكتها، أو زوجها، أو بمعنى: ابن سيدها، وبنت سيدها.


(١) البحر المحيط، للزركشي (٤/ ١٤٧)، روضة الناظر، لابن قدامة (٢/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>