للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: كيف تلد زوجها؟ قلنا: فسَّره العلماء بكثرة السراري والإماء، فيتبادلهنَّ الناس، فيتسرَّى أحدهم الأمة حتى تلد منه، ثم يبيعها، ولا تزال تتداولها الأيدي حتى ترجع إلى ابنها، وهو لا يعلم أنها أمه، فيتزوجها، فتكون الأمة ولدت زوجها، وهذا على تفسير أن تلد الأمة بعلها- أي: زوجها.

وأما بمعنى: أنها تلد سيدها، فمعناه: أن الإماء يلدن الملوك، فيكون ولدها هو سيدها؛ لأنه يملكها، وهو الملِك على أمه وعلى غير أمه؛ لأن ابن الملِك يكون ملِكًا بعد أبيه.

وأما بمعنى ابن سيدها، فمعناه: أن تلد الأمَة من الملك ابنًا له، وابنها- ابن الملك- سيد كالملك، فتكون المرأة ولدت ابن سيدها، أو ولدت سيدها؛ لأنه سيكون مَلِكًا فيما بعد.

وقوله: ((وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ البَهْم يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ)) المراد: أنَّ أسافلَ الناس يصيرون رؤساءهم، وتكثر أموالهم حتّى يتباهون بطول البنيان وزخرفته وإتقانه (١)، قال القاضي: ((قيل: هو تنبيه على فشو النعمة آخر الزمان، وكثرة السبي، كما قال في بقية الحديث عن تطاول رعاء الشاء في البنيان. وقيل: المراد به: ارتفاع أسافل الناس، وأن الإماء والسبايا يلدن من ساداتهن أمثالهم، فشرفن بسببهم، كما قال- فى الحديث الآخر-: ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعٍ)) (٢))) (٣)، وهذه بعض أشراط الساعة.

قوله: ((ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَليًّا) يعني: بقيت مدة طويلة، قيل: ثلاثة أيام، قال النووي: ((وفي رواية أبي داود (٤) والترمذي (٥) أنه قال ذلك بعد ثلاث،


(١) شرح مسلم، للنووي (١/ ١٤٨).
(٢) أخرجه أحمد (٢٣٣٠٣).
(٣) إكمال المعلم، للقاضي عياض (١/ ٢٠٦).
(٤) أخرجه أبو داود (٤٦٩٥).
(٥) أخرجه الترمذي (٢٦١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>