للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي شرح السنة للبغوي (بعد ثالثة) (١)، وظاهر هذا: أنه بعد ثلاث ليالٍ، وفي ظاهر هذا مخالفة لقوله في حديث أبي هريرة بعد هذا: (ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا جِبْرِيلُ)، فيحتمل الجمع بينهما أن عمر رضي الله عنه لم يحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم لهم في الحال، بل كان قد قام من المجلس، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم الحاضرين في الحال، وأخبر عمر رضي الله عنه بعد ثلاث؛ إذ لم يكن حاضرًا وقت إخبار الباقين، والله أعلم)) (٢).

ثُمّ لعل النبي صلى الله عليه وسلم لقي عمر رضي الله عنه فيما بعد وسأله: ((يَا عُمَرُ أتَدْرِيْ من السَّائِل؟ ) أي: أتعلم من هو؟ فقال عمر: ((اللهُ وَرَسُوْله أَعْلَمُ))، وهذا يدل على أن عمر رضي الله عنه لم يكن عنده علم بهذا السائل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ) وفي الرواية الأخرى: ((هَذَا جِبْرِيل جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ))، والإشارة إلى شيء معلوم في الذهن.

قوله: ((أتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكَمُ)) جاء التعليم بصيغة السؤال والجواب؛ لأنه أمكن في النفس وأقوى في التأثير.

والدين هو الإسلام والبر والتقوى والهدى والإيمان، إذا أُطلق واحد منها شمل أمور الدين: الاعتقادية والعملية، وإذا قرن مع غيره كان له معنى آخر.

وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الإسلامَ والإيمانَ والإحسانَ دينًا ((أتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكَمُ) لأن الدين على هذه المراتب الثلاث: الإسلامُ والإيمانُ والإحسانُ.


(١) أخرجه البغوي في شرح السنة (٢).
(٢) شرح مسلم، للنووي (١/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>