للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن)).

ولما تكلم معاوية بن الحكم السلمي في الصلاة لما عطس رجل في الصلاة، وقال: الحمد لله، فقال له معاوية: يرحمك الله! فجعل الصحابة ينظرون إليه يسكتونه فقال: ((واثكلى أمياه) يعني: ما الذي فعلته؟! فجعل الصحابة يضربون أفخاذهم يسكتونه، فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه، فقال معاوية رضي الله عنه: ((فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني)) قال: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن)) (١).

قوله: ((فَشَنَّهُ عَلَيْهِ)) يعني: صبَّه عليه.

وفيه دليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يبدأ بالرفق واللين أولًا؛ لأن الأمر بالعنف والشدة يؤدي إلى العناد؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى- في أهل الكتاب-: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم}.

وفيه أن نجاسة البول لا تزول إلا بالماء المطلق، فلو غسلها بماء الورد، أو بماء عصير، أو بماء الشاي فلا تطهر، فكما أن الماء المطلق لا بد منه في الوضوء فكذلك لا تطهر الأرض التي أصابتها النجاسة إلا بالماء المطلق.

وهذا الحديث من الأدلة التي ردت على الأحناف الذين ذهبوا إلى أن النجاسة تزول وتطهر بالشمس والريح (٢)؛ لأنها لو كانت تزول بالشمس والريح لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصب الماء عليه، ولتركها حتى تيبس وتزول بالريح، أو تجف بالشمس.


(١) أخرجه مسلم (٥٣٧).
(٢) حاشية ابن عابدين (١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>