للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العبادة، ولا يصح له أن يتلبس بها)) (١)، فهو قول مخالف للنص.

وما ذُكر عن عطاء بن يسار أنه قَالَ: ((كان رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تصيبهم الجنابة، فيتوضؤون ويأتون المسجد فيتحدثون فيه)) (٢)؛ فهذا اجتهاد من بعض الصحابة رضوان الله عليهم، والأقرب المنع، كما قال الله تعالى: {ولا جنبًا إلا عابري سبيل}، فالمكث في المسجد ممنوع للجنب والحائض.

وقوله: ((تَنَاوَلِيهَا)) فيه: دليل على أنها كانت في المسجد، وهي تأخذها من المسجد، فالروايات تفسر بعضها بعضًا، وهذا من فوائد الروايات المتعددة.

[٣٠٠] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ، وَسُفْيَانَ عَنِ المِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وَأَتَعَرَّقُ العَرْقَ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ.

وَلَمْ يَذْكُرْ زُهَيْرٌ: فَيَشْرَبُ.

في هذا الحديث: حسن خلقه عليه الصلاة والسلام، وإيناسه لأهله، فكانت عائشة رضي الله عنها- وهي حائض- تشرب من الإناء، فتناوله النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فيضع فمه مكان فمها، وكانت تتعرق العَرْقَ- وهو العظم الذي فيه بقية من لحم- ثم تناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فمه مكان فمها.

وفيه: أن بدن الحائض ولعابها وعَرَقها طاهر، كما سبق قريبًا.


(١) تفسير القرطبي (٥/ ٢٠٨).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١٥٥٧) عن زيد بن أسلم بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>