للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له من المسجد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان في المسجد معتكفًا، وكانت عائشة في حجرتها وهي حائض؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ))، فإنما خافت من إدخال يدها المسجد، ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنًى، والله أعلم)) (١).

قال النووي: ((وقد اختلف في متعلق الجار المجرور ((مِنَ المَسْجِدِ))؛ فعلقته طائفة بـ ((نَاوِلِينِي))، واستدلوا به على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة تَعْرِض لها، إذا لم يكن على جسدها نجاسة، وأنها لا تُمنع من المسجد إلا مخافة ما يكون منها، وإلى هذا نحى محمد بن مسلمة من أصحابنا وبعض المتأخرين إذا استثفرت، ومتى خرج منها شيء لم تدخله.

وعلقته طائفة أخرى على التقديم والتأخير، وعليه المشهور من مذاهب العلماء أنها لا تدخل المسجد لا مقيمة ولا عابرة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((فَإِنِّي لَا أُحِلُّ المَسْجِدَ لِحَائِضٍ، وَلَا جُنُبٍ)) (٢)، ولأنَّ حدثها أفحش من حدث الجنابة، وقد اتفق على أن الجنب لا يمكث فيه، وإنما اختلفوا في جواز عبوره فيه، والمشهور من مذاهب العلماء منعه، والحائض أولى بالمنع)) (٣).

واستُدِلَّ بقوله تعالى: {ولا جنبًا إلا عابري سبيل}: على أن الصواب جواز عبور الحائض المسجد كالجنب، ولا بأس بذلك إذا أمنت تلويث المسجد، وكانت متحفظة، وظاهر الحديث يدل على أنه لا بأس بمرور الحائض في المسجد.

وأما قول القرطبي: ((الوضوء لا يرفع حدث الجنابة، وكل موضع وضع للعبادة وأكرم عَنِ النجاسة الظاهرة ينبغي ألا يدخله من لا يُرضى لتلك


(١) شرح مسلم، للنووي (٣/ ٢٢٠).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٣٢)، وابن خزيمة (١٣٢٧)، والبيهقي في الكبرى (٤٣٢٣).
(٣) شرح مسلم، للنووي (٣/ ٢١٠ - ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>