للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجلس عن يسار أبي بكر.

وفيه: أن الإمام إذا جاء وخليفته يصلي فله أن يدخل، وله أن يصلي معه؛ بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء وأبو بكر رضي الله عنه يصلي بهم قائمًا، ثُمَّ جلس عن يسار أبي بكر، فالنبي قاعد وأبو بكر قائم والناس قيام، وأبو بكر يقتدي بصلاة النبي ويبلغ الناس، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر.

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم على صلاتهم خلفه قيامًا، وهو قاعد.

وللعلماء ثلاثة أقوال في الجمع بين الأحاديث التي فيها صلاته قاعدًا وهم قيام، وبين الأحاديث السابقة التي صلى فيها وهو قاعد، وأمرهم بالقعود:

أحدها: القول بالنسخ، وأن أمره لهم بالقعود كان أولًا، ثُمَّ نُسخ، فوجب القيام خلف الإمام الراتب إذا صلى قاعدًا؛ لأن هذا هو الآخِر من فعله صلى الله عليه وسلم، وإنما يؤخذ بالآخِر فالآخِر، وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، وأبو ثور، والحميدي (١).

والثاني: الجمع بين الأحاديث، بحمل الأمر بالقعود على الاستحباب، والأمر بالقيام على الجواز، وهذا هو الأرجح؛ لأن الجمع بين النصوص مقدم على القول بالنسخ؛ لأن فيه عملًا بها كلها (٢).

والثالث: أنه إذا ابتدأ الصلاة قاعدًا وجب عليهم القعود، وإذا ابتدأ الصلاة قائمًا، ثُمَّ اعتلَّ فجلس وجب عليهم القيام؛ جمعًا بين الأحاديث؛ لأنه عليه الصلاة والسلام في مرضه الأول ابتدأ الصلاة قاعدًا، وفي مرضه الأخير ابتدأ أبو بكر رضي الله عنه بالناس الصلاة قائمًا، ثُمَّ جاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم جالسًا وهذا نقل عن الإمام أحمد وغيره (٣).

وأرجح هذه الأقوال الثاني ثم الثالث.


(١) الاختيار لتعليل المختار، لابن مودود الموصلي (١/ ٦٠)، الأم، للشافعي (٢/ ٣٤١)، المغني، لابن قدامة (٢/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٢) المغني، لابن قدامة (٢/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٣) الأوسط، لابن المنذر (٤/ ٢٠٦)، والمعني (٢/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>