للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ قَوْمِهِ، فَيُصَلِّي بِهِمْ.

في هذا الحديث: أنه لا بأس بإعادة الجماعة، فالإنسان إذا صلى في مسجد، ثُمَّ ذهب إلى مسجد آخر ووجدهم يصلون يصلي معهم، وتكون له نافلة، حتى صلاة العصر وصلاة الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على من رآه جالسًا لما صلى بالناس في مِنًى، فقال: ((مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ )) قَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا. قَالَ: ((فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ، فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَمَا لَكُمَا نَافِلَةٌ)) (١).

وهذا معاذ رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، فكانت له فريضة، ثُمَّ يذهب إلى قومه فيؤمهم؛ لأنه أقرأَهم، فتكون له نافلة، ولهم فريضة.

وفيه: جواز اقتداء المفترض بالمتنفل، والرد على مَن أنكر ذلك من الحنابلة وغيرهم؛ لاختلاف نية الإمام والمأموم (٢)، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّمَا جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ))، لكن هذا لا يدل على أن الاختلاف المنهي عنه هنا هو اختلاف النية.

فمن صلى الظهر خلف من يصلي العصر فلا بأس، أَوِ العكس، كمن صلى العصر خلف من يصلي الظهر، أَوْ صلى فريضة خلف من يصلي نافلة، أَوْ جاء في صلاة التراويح والناس قد صلوا فيصلي معهم، فإذا سلم الإمام يتم صلاته، فلا بأس بهذا.

وفيه: أن معاذًا رضي الله عنه كان يطيل الصلاة، وأنه من حرصه وحفظه للقرآن افتتح البقرة، يريد أن يقرأ البقرة كاملة، لكن هذا الرجل جاء متعبًا منهكًا،


(١) أخرجه أحمد (١٧٤٧٤)، والترمذي (٢١٩)، والنسائي (٨٥٨).
(٢) الإنصاف، للمرداوي (٢/ ٢٧٦)، مطالب أولي النهى، للرحيباني (١/ ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>