فلما رأى معاذًا افتتح البقرة وعرف أنه سيطيل انحرف وسلم وصلى وحده، فقيل له: نافقتَ، لماذا تترك الجماعة وتصلي وحدك؟ فقال: والله لآتين رسول الله عليه وسلم فأخبره، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ رضي الله عنه تطويله.
وبعض الناس يتعلق بقوله صلى الله عليه وسلم:((يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟ )) فيستدل به على التخفيف المفرِط، وهذا غلط؛ فالصلاة لا بد فيها من الإتمام والطمأنينة، والنبي صلى الله عليه وسلم كانت صلاته تخفيفًا في إتمام، بخلاف بعض الناس الذين ينقرون الصلاة نقر الغراب؛ وهذا منهي عنه لحديث:((أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ؟ قَالَ:((لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا)) (١).
وكان صلى الله عليه وسلم له في الركوع والسجود عشر تسبيحات مع التدبر، وكان يقرأ في الفجر بالستين آية، وهذا تخفيف، فما زاد عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فهو فضل، وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فهي عين التخفيف.
وفيه: أنه من طرأت عليه مشقة، أَوْ كان مريضًا متعبًا، وَلَا يستطيع الإتمام، فيجوز أن ينفرد لعذره.
وفيه: استحباب قراءة هذه السور وأمثالها من الطوال في صلاة العشاء.
(١) أخرجه أحمد (١١٥٣٢)، والدارمي (١٣٦٧)، وابن خزيمة (٦٦٣)، وابن حبان (١٨٨٨).