للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآيَةَ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ: ((قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ؛ يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَزَعُ لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.

في هذه الأحاديث: دليل على أن الكافر إذا أسلم عند الموت فإسلامه صحيح- ما لم تصل الروح إلى الحلقوم-؛ لهذا عرض النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام على عمه أبي طالب وهو في مرض الموت.

ودليل قبول التوبة قبل وصول الروح للحلقوم: قول الله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم}.

قال العلماء: كل شيء قبل الموت فهو قريب، {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن}، يعني: إذا بلغت الروح الحلقوم قال: إني تبت الآن.

وأوضح من هذا: ما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)) (١).

وفيها: تأثير قرناء السوء على المرء، فأبو جهل وعبد الله بن أبي أمية قالا لأبي طالب: ((أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ ) فذكَّراه بالحجة الملعونة: وهي اتباع الآباء، والأجداد على الباطل، فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم طلبَ قولِ: لا إله إلا الله، فما زالا به حتى كان آخر ما قال: ((هُوَ عَلَى مِلَّةِ أَبِي عَبْدِ المُطَّلِبِ)


(١) أخرجه أحمد (٦١٦٠)، والترمذي (٣٥٣٧)، وابن ماجه (٤٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>