في هذه الأحاديث: دليل على أن الكافر إذا أسلم عند الموت فإسلامه صحيح- ما لم تصل الروح إلى الحلقوم-؛ لهذا عرض النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام على عمه أبي طالب وهو في مرض الموت.
ودليل قبول التوبة قبل وصول الروح للحلقوم: قول الله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم}.
قال العلماء: كل شيء قبل الموت فهو قريب، {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن}، يعني: إذا بلغت الروح الحلقوم قال: إني تبت الآن.
وأوضح من هذا: ما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)) (١).
وفيها: تأثير قرناء السوء على المرء، فأبو جهل وعبد الله بن أبي أمية قالا لأبي طالب:((أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ ))، فذكَّراه بالحجة الملعونة: وهي اتباع الآباء، والأجداد على الباطل، فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم طلبَ قولِ: لا إله إلا الله، فما زالا به حتى كان آخر ما قال:((هُوَ عَلَى مِلَّةِ أَبِي عَبْدِ المُطَّلِبِ))،
(١) أخرجه أحمد (٦١٦٠)، والترمذي (٣٥٣٧)، وابن ماجه (٤٢٥٣).