وفيها: دليل على أنه ينبغي للمرء أن يحذر من قرناء السوء؛ لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه الشيخان:((مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ المِسْكِ وَكِيرِ الحَدَّادِ)) (١)، فالجليس الصالح يرغبك في الخير وفي المعروف، وجليس السوء يزهدك في المعروف، ويرغبك في الشر- نسأل الله العافية.
وفيها: دليل على أن الذي منع أبا طالب من الإيمان بالله تعالى ليس الجهل بأَحَقِّيَة هذا الدين، وإنما منعه التعصب، والحمية لقومه، وآبائه وأجداده؛ ولذلك لم يستطع أن يشهد عليهم بالكفر.
وفيها: دليل على أنه لا يجوز اتباع الآباء والأجداد على الباطل، بل على الإنسان أن يُعمل عقله وألّا يلغيه ويقلد الآباء والأجداد مطلقا، سواء أكانوا على الحق، أم كانوا على الباطل، بل ينظر فإن كانوا على الحق اتبعهم؛ لأن الحق أحق أن يتبع، وإلا فلا.
وفيها: بيان حجة الكفار التي تتابعوا عليها، وهي اتباع الآباء والأجداد على الباطل، قال الله تعالى- حاكيًا قول المشركين-: {إنا وجدنا آباءنا على أمة}، يعني: على دين، {وإنا على آثارهم}، أي: وراءهم {مهتدون}، وهي دعوى منهم بلا دليل.
وفيها: أن هداية القلوب لله لا يملكها غيره، حتى ولو كان أشرفَ الخلق عليه الصلاة والسلام.
وفيها: تسلية لمن بعد الرسول صلى الله عليه وسلم من الدعاة وغيرهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق، وأقربهم منزلةً إلى الله تعالى، ولم يستطع هداية عمه مع شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فالدعاة بعده من باب أولى.