للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْ أَسْتَخْلِفَ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ، وَلَا خِلَافَتَهُ)) وفي أثر آخر قال: ((إنْ أَسْتَخْلِفْ، فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)) (١)، فدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يستخلف، وإنما ثبتت خلافة أبي بكر رضي الله عنه بمبايعة أهل الحل والعقد، وأما أبو بكر رضي الله عنه فإنه استخلف عمر رضي الله عنه، وعمر- كذلك- جعل الأمر شورى بين ستة، وهم: عثمان، وعلي، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم جميعًا.

ولم يجعل معهم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه؛ لأنه من قبيلة عمر رضي الله عنه، كما أنه لم يجعل معهم عبد الله بن عمر رضي الله عنها.

فتشاور عبد الرحمن بن عوف، والزبير، وطلحة، وعثمان، وعلي، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم جميعًا، وجعلوا أمرهم إلى ثلاثة، كل واحد جعل أمره إلى واحد، ثُمَّ أخرج عبد الرحمن بن عوف نفسه من الخلافة، واختار أحد الشيخين بعد المشاورة الطويلة، وبعد العناية العظيمة، حتى رأى وجوه الناس كلها إلى عثمان رضي الله عنه، فاختاره وبايعه بقية العشرة، ثُمَّ بايعه من ورائه الأجناد والأنصار وتمت له البيعة.

وفيه: أن حكم الكَلالة أُشكل على عمر رضي الله عنه إشكالًا شديدًا، وتمنى أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن فيها، وهي واضحة بحمد الله؛ ولهذا قال له عليه الصلاة والسلام: ((أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ؟ )) فهي آخر آية في سورة النساء، وهي قوله تعالى: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.

والكلالة: من لا ولد له، ولا والد، فإذا مات إنسان ليس له أولاد، وليس له آباء، ولا أجداد، فهذه المسألة تسمى الكلالة؛ لهذا قال الله تعالى: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد}.


(١) أخرجه البخاري (٧٢١٨)، ومسلم (٣٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>