قوله:((التَّثْوِيبُ))، يعني: الإقامة، وسميت تثويبًا؛ لأنه رجوع إلى الأذان مرة أخرى؛ فالأذان إعلام بدخول الوقت، والإقامة إعلام بإقامة الصلاة، فهي أذانٌ ثانٍ.
في هذا الحديث:
١. أن الشيطان يولي إذا سمع الأذان وإذا سمع الإقامة؛ لأنه يشق عليه ويؤذيه سماع الأذان، فيولي وله ضراط؛ حتى يشوش على نفسه ولا يسمع، فإذا انتهى الأذان أقبل، فإذا أُقيمت الصلاة ولى هاربًا.
٢. أن الشيطان له ضراط، وهو الريح التي لها صوت؛ لأنه يأكل ويشرب مثل بني آدم، ويخرج منه الحدث كالإنسان.
٣. أنه ينبغي للإنسان ألا يشابه الشيطان، فإذا سمع الأذان يقبل على الصلاة، ويعتني ولا يتأخر، ولا يدبر كالشيطان.
٤. حرص الشيطان على ابن آدم، فهو يخطر بينه وبين نفسه ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا، يُذَكِّره الأشياء التي نسيها حتى يلبس عليه صلاته؛ فلا يدري كم صلى.
وقوله:((فَهَنَّاهُ وَمَنَّاهُ))، يعني: هنَّاه بإسعاد، ومنَّاه وذكَّره بالأشياء التي نسيها، حتى يلبس عليه صلاته، يريد أن يفسدها عليه؛ لأن الشيطان حريص على إفساد عبادة ابن آدم، وقد أخذ على نفسه العهد وأقسم لما أهبطه الله على إغواء بني آدم، وقال:{فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين}.