للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذم الله عز وجل من عطل العقل أو أساء استخدامه فقال: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} (١) وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٢) وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (٣).

قال ابن القيم رحمه الله: "إن الله سبحانه وتعالى قد أنزل الكتاب والميزان (العقل) وكلاهما في الإنزال أخوان، في معرفة الأحكام شقيقان، وكما لا يتناقض الكتاب في نفسه، فالميزان الصحيح (العقل الصريح) لا يتناقض في نفسه ولا يتناقض الكتاب والميزان (٤).

قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (٥).

فالإيمان والعقل متلازمان في الإسلام من أول يوم، وسيبقى متلازمين إلى أن يرث الله السماوات والأرض، وليس لأحد الفصل بينهما بأن يجعل كل واحدة في مرحلة.

وهناك نقطة أخرى قد تطرق إليها أمير علي، وهي: أن الدين الإسلامي لما كان في مرحلة القابلية كان متأثرا ثم أصبح مؤثرا عندما دخل مرحلة الفاعلية، وقد رددنا


(١) سورة الأنفال: ٢٢.
(٢) سورة الحج: ٤٦.
(٣) سورة محمد: ٢٤.
(٤) أعلام الموقعين لابن القيم ١/ ٣٣١.
(٥) سورة الحديد: ٢٥.