للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على فرية تأثر الإسلام من غيره عند ذكر مناهج المستشرقين في الباب الأول ونذكر هنا خلاصته (١).

إن تبادل الآراء قديمًا وحديثًا والتفاعل والتأتر والتأثير بين الناس هي سنة اجتماعية لا يمكن إنكارها، ويثبت ذلك إذا اكتملت الشروط التالية:

ثبوت التشابه الكامل في اللفظ والمعنى بين النظريتين بدون زيادة ونقصان مع ثبوت الاتصال المباشر أو غير المباشر بين الحضارتين، وذلك لمحدودة العرفة البشرية المحصورة في الحس والعقل.

وأما ما وراء الحس والعقل والذي جاء به الوحي الإلهي يؤثر ولا يتأثر باعتباره مصدر إلهي، فالوحي الإلهي مكتمل من قبل منزله ومهيمن على الدين كله، وهو مؤثر غير متأثر قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (٢). وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (٣).

إن نصوص الكتاب والسنة كافية وافية محيطة بأبواب الأصول والفروع، فالكتاب والسنة هما العمدة في معرفة الدين بما فيه من أصوله وفروعه ودلائله ومسائله.

قال الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله: "إنه ما من مسألة إلا وقد تكلم فيها الصحابة أو في نظيرها، فإنه لما فتحت البلاد وانتشر الإسلام حدثت جميع أجناس الأعمال فتكلموا فيها بالكتاب والسنة (٤).


(١) ينظر تفصيل ذلك في موضوع منهج الأثر والتأثر ص: ٢١ - ٢٧، وفي موضوع اشتمال الكتاب والسنة على أصول الدين دلائله ومسائله ص: ٦ - ٩ في هذا البحث.
(٢) سورة الفتح: ٢٨.
(٣) سورة المائدة: ٣.
(٤) مجموع الفتاوى لابن تيمية: ١٩/ ٢٠٠.