للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يزيد الطين بلة عندما سمى فكرة الجبر المنحرفة بالاعتقاد بقضاء الله وقدره، فقال: "الاعتقاد بالقدر الذي يسميه المصنفون الغربيون بالحظ (Luck) كان نتيجة بعض الأفكار الفلسفية وبعض المصالح السياسية" اهـ (١).

ونحن لا نتهم إقبالًا إذا قلنا: كأنه يريد بهذه التسمية إلغاء ركن من أركان الإيمان، لأنه عندما بدأ خطبته الرابعة بعنوان: (ذات الإنسان - الجبر والقدر- الحياة بعد الموت) ذكر من صفات الإنسان: "أنه مطيع لله، وأنه خليفته في الأرض مع ما فيه من النقائص، وأنه أمين لشخصية حرة مطلقة، وقد حاذ الإنسان هذا المنصِب بعد أن أوقع نفسه في أخطار ... " اهـ (٢).

ثم اعترض على قدر الله وقال: " ... مشاعري وحُبي وبُغضي وأوامري وعزائمي إنما هي جزء من ذاتي ولا ينبغي لله أن ينزل منزل مشاعري ويرد حكمي أو إذا كان هناك طريقان فيختار لي منهما واحدا ... " اهـ (٣).

ثم اختار إقبال المنهج التعليلي في بيان أسباب نشأة الاعتقاد بالقدر فقال: "إن مسألة القضاء والقدر كانت هي نتيجة لبعض الأفكار الفلسفية وبعض المصالح السياسية ... لما أن سلسلة العلة والمعلول أخيرًا تنتهي إلى ذات الله عز وجل فقالوا كل ما يحدث في الكون هو من أمر الله.

ومن جهة أخرى قد استغل هذه الفكرة حكام دمشق الأمويون الماديون، فركبوا مطية عقيدة القدر لستر مظالمهم في كربلاء وغيرها من الأماكن تحت هذا الستار، .... إلى أن قال: انتشرت هذه العقيدة المذمومة رغم النكير الشديد عليها من قبل العلماء (٤).


(١) تشكيل جديد لإقبال: ص: ١٦٧.
(٢) المرجع السابق: ص: ١٤٣.
(٣) المرجع السابق: ص: ١٥٠.
(٤) المرجع السابق: ص: ١٦٧ - ١٦٨.