للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (١)، فمعناه الواضح أن الله عز وجل قال لموسى: امش في البحر مستعينا بعصاك تجده منفلقا ومفترقا بسبب المد والجزر، وكما جاء في الآية من سورة طه حيث قال الله عز وجل: {أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} (٢)، أي امش في طريق يابس، والمعجزة في هذا أن الله عزّ وجلّ قد أنجى موسى وقومه من بطش فرعون عند ما انجزر البحر وأراد فرعون أن يسلك في هذا الانجزار فامتدّ البحر فانغرق هو وقومه" اهـ (٣).

وفسر السيد قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ} (٤) بقوله: "لا يثبت من النص القرآني أن عيسى تكلم وهو طفل في عمر لا يتكلم فيه الأطفال حسب الفطرة، لأن الله قال حكاية عن اليهود {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} (٥) فيه فعل "كان" يدل على أنه لم يكن في المهد حين تكلم بل كان في المهد قبل التكلم، والمعنى كيف نكلم من كان في الأمس طفلا، أو كما يقال كيف نناظر من لم يجف من شفتيه آثار الرضاعة، والآية التي بعدها تشير إلى أنه كان نبيا حين تكلم" اهـ (٦).

ثم أضاف قائلا: "والمعنى كما هو واضح أن عيسى دعاهم إلى عقائد لم يألفوها، فغضب القوم عليه، وجاؤوا إلى أمه مريم يطلبون منها أن تكف ابنها عما يدعو إليه، فقالوا يا مريم إن أباك وأمك كانا من الصالحين، وكيف أنجبت طفلا عجيبا ينقد عقائدنا، قالت مريم سلوه، قالوا هذا طفل صغير كيف يخاطبنا ونخاطبه؟


(١) سورة النساء: ١٠١.
(٢) سورة طه: ٧٧.
(٣) تفسير القرآن للسيد: ١/ ٦٥ - ٨٠.
(٤) سورة آل عمران: ٤١.
(٥) سورة مريم: ٢٩.
(٦) تفسير القرآن للسيد: ٢/ ٣١ - ٣٢.