للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنرد على هذه الفرية ونقول: إن سحرة فرعون كانت عندهم أيضا قوة مقناطيسية، على حد قول السيد، إذن الفرق عنده في الدرجة فقط، فكأنه يقول كما قال فرعون في موسى إنه لكبيركم الذي علمكم السحر، فنجيبه بما أجاب به الله عز وجل في تنزيله: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}.

ولقد بينا الفرق بين المعجزة والاستدراج، والكلام نفسه يقال في الفرق بين المعجزة والسحر.

سابعا: أما قول السيد: "لا يثبت من القرآن أن عيسى تكلم وهو صبي في حجر أمه بل تكلم عيسى بعد أن أوتي النبوة" فيناقض هذا القول قوله: "قالوا هذا طفل صغير كيف يخاطبنا ونخاطبه فأحضرته أمه، فقال إني عبد الله ورسوله" اهـ فلماذا قالوا إنه طفل وهو في سن النبوة؟

وأما استدلاله على ذلك بأنه جاء في الآية فعل "كان" فنقول: ألم يعرف السيد أن فعل "كان" فعل ناقص له معان: من بينها أنه يأتي على وجه الدوام، (١) كما في قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} أي إنه كان ولم يزل عليما وحكيما، فيكون المعنى كيف نكلم طفلا ما زال في المهد صبيا، قال تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ} ........ (٢).

ثامنا: وأما قول السيد: "إن المراد بقوله تعالى: {بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي} أن المسيح كان يسمح لهم دخول المعابد وتقديم النذور، والمراد بقوله تعالى: {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} أنه كان يخرجهم من الكفر" اهـ فهذا مجرد زعم عار من الدليل، وإذا لم تدل هذه العبارة الواضحة على شفاء المرضى وإحياء الموتى بإذن الله، فأي عبارة أوضح منها على هذا المطلوب والمقصود؟

وأي قرينة تدل على ما ذهب إليه السيد من الحقيقة إلى المجاز؟ مع أنه هو القائل: نحن المسلمين عندنا قاعدة أن اللفظ يجري على الحقيقة دائما ما لم ....


(١) ينظر جامع الدروس العربية للغلياني: ٢/ ٢٧٦.
(٢) ينظر تفسير ثنائى للأمرتسري ص: ٧٦٩.