للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما معنى كلمة "بإذني" بعد كل فقرة؟ أليس هذا يدل على أن هذه الأفعال والأعمال كانت منة من الله على عيسى عليه السلام وقومه؟ (١).

تاسعا: أما اتهام السيد للعلماء بأنهم دائما يقلدون اليهود والنصارى في شرح آيات القرآن .... فقد تكرر هذا الاتهام عند السيد في كتابه، ولعله يريد بهذا أن يجعل نفسه بريئا من هذا الاتهام وهو واقع فيه، فكيف يبرئ نفسه وهو قد بيّن منهجه في الأخذ عن كتب اليهود والنصارى، وبرهن للأخذ من أهل الكتاب وكتبهم، فقال: "كما وصل إلينا القرآن متصلا بالسند المتصل فلا نجد سندا متصلا لهذه الكتب، ولذلك تقررت عندنا قاعدة أخرى للتمييز بين ما هو معتبر وما هو غير معتبر وتلكم القاعدة: هي "الشهرة"، وهذه الكتب -سواء أهي داخلة في الإنجيل بالفعل أو هي خارجة منه- تنقسم إلى أربعة أقسام:

الأول: هي الكتب التي تلقاها العلماء (علماء أهل الكتاب) بالقبول ووافقوا على صحتها واشتهرت في كل المدن واشتغل العلماء بتدريسها قرنا بعد قرن ولم ينكروا عليها في زمن من الأزمان، فهذه كلها معتمدة وصحيحة (عند السيد).

الثاني: هي الكتب التي كتبها العلماء المعتبرون، وقَبِلَها أكثر العلماء وأنكرها بعضهم، أو قد كانت في زمن ما مقبولة ومقدسة عند أكثر العلماء واستدلوا بها ثم أتى عليها زمن صارت متروكة، أو هي اشتهرت في زمن وزالت شهرتها في زمن، فهذه كلها صحيحة معتمدة عندنا (عند السيد) ... " اهـ (٢).

فالكتب المحرفة مهما اشتملت من الخرافات إذا اشتهرت في زمن ما هي مقبولة صحيحة يعتمد عليها السيد فهذا منهجه، ولكن الذي تقرّر عند أهل السنة والجماعة والمنهج الذي صار عليها علماء السلف في الأخذ عن أهل الكتاب هو كما يلي:

قد قسم العلماء ما ورد عن أهل الكتاب من الروايات في كتبهم إلى ثلاثة أقسام:


(١) المصدر السابق ص: ٧٧٠.
(٢) تفسير القرآن للسيد: ١/ ١٨٦.