بظواهر الدين والإكتفاء بروح الإسلام، ولكن لا توجد في الباكستان سلطة قوية تفهم الناس أن الإسلام لم يأمر الناس بالقتال والإفساد (يقصد القتال في سبيل الله) ولم يؤسس مبناه على الظواهر، بل أساس الإسلام هو الجمهورية والحرية والمساواة والحلم والعدل (١).
ولكن مما لا مرية فيه أنه قد حصلت زلزلة في أذهان المسلمين تجاه هذه المعتقدات وبخاصة تجاه مصادر تلقى هذه المعتقدات من الكتاب والسنة، وتجاه منهجية التلقي من هذه المصادر.
هذا وقد سبق أن ذكرنا أن الحكومة البريطانية لما سيطرت على الهند خططت لتنصير جميع المسلمين بوسائل عديدة فلما رأت أن أطماعها قد فشلت في تنصير جميع الشعب الهندي المسلم أو في تحويل كافتهم إلى الإسلام المصبوغ بالصبغة الغربية، الذي هو إسلام في اسمه وإلحاد في أصله وحقيقته، وخافت من زوال سيطرتها على الهند فراجعت في تخطيطها، وأسرعت في الحصول على أدنى مطلب ولكنه أعلى مقصد في ذاته، ألا هو تفريق المسلمين في عقائدهم لتستمر لها السيادة عليهم، فنصبت عددا من المستشرقين الحاذقين لدراسة أوضاع المسلمين من جديد، وللبحث عن طرق جديدة يمكن بها استمرار السيطرة عليهم، فنشط هؤلاء المستشرقون البارعون للحصول على هذا الغرض فكتبوا كتابات حول الفرق وشجعوا كل من نادي بحرية الفكر في الدين فغذّوه من منابيع الانحراف القديم مثل الاعتزال والتشيع، فانقسم المسلمون إلى فرق بعد أن كانوا مجتمعين فنجح الاستشراق والاستعمار في هذا كل النجاح.
والتاريخ خير شاهد على قولنا هذا، فلم تشهد الهند قبل دخول الاستعمار افتراقًا في صفوف المسلمين، اللهم إلا افتراق أهل السنة والشيعة، وهذا الاختلاف اختلاف قديم قدم الإسلام، ولكن الفرق الجديدة من الديوبندية، والبريلوية،
(١) ينظر إسلام دور حاضر مين لـ مانتوِل إسمث ص: ١٩١.