للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلوم من جهة، وضعف الهمة من جهة ثانية لم يعد يسمح لأهل الفقه مثلا أن يعودوا إلى دواوين السنة وكتبها الكثيرة لإنتقاء الصحيح منها دون غيره لبناء الأحكام الفقهية عليه، فكانت الحاجة الملحة للمحدثين -وهم فرسان هذا العلم- أن يدلوا بدلوهم لييسرو للفقهاء النصوص الحديثية التي تكون مرتكز عملهم، وهكذا برزت المؤلفات فى أحاديث الأحكام محذوفة السند، مبينة الرتبة، منصوص على ما فيه علة منها، مع الإشارة إلى مخرجيها، وهذه بعضها:

- الجامع في حد صحيح الحديث باختصار الأسانيد، للحافظ أبي محمد علي ابن سعيد، المعروف بابن حزم الأندلسي المتوفى سنة ٤٥٦ هـ. (١)

- "الجامع لنكت الأحكام" المستخرج من الكتب المشهورة في الإسلام، لأبي القاسم زيدون بن علي القيرواني، الشهير بأبي القاسم الزيدوني -ولما كان مؤلفه فقيها فإنه لم يكن موفيا بالناحية الفنية الحديثية؛ التي وضع الكتاب من أجلها، وفي هذا الصدد يقول عبد الحق الإشبيلي:

(وإن أبا القاسم -رَحِمَهُ اللهُ- أخذ الأحاديث غثها وسمينها، صحيحها وسقيمها، فأخرجها بجملتها ولم يتكلم في شيء من عللها إلا الشيء اليسير والنادر القليل، وقد ترك أحاديث فى الأحكام لم يخرجها، إذ لم تكن في الكتب التي أخرج حديثها، وإن كان فيها أحاديث معتلة فقد أخرج أمثالها في الوهن ... وأيضا فإن أبا القاسم عمد إلى الحديث فأخرجه من كتب كثيرة وترجم عليه بأسماء عديدة، ولم يذكر إلا لفظا واحدا، ولم يبين لفظ من هو، ولا من انفرد به، وقلما يجيء الحديث الواحد في كتب كثيرة إلا باختلاف في لفظ أو معنى أو زيادة أو نقصان، ولم يبين هو شيئا من ذلك إلا في النزر القليل، أو في الحديث


(١) إيضاح المكنون فى الذيل على كشف الظنون، لإسماعيل باشا ٣/ ٣٥٦.
ويقول د. إبراهيم بن الصديق بشأن كتاب ابن حزم هذا: (ولعلها أول محاولة في هذا المجال)، حيث كان كتابه جامعا لصحيح الحديث، مختصر الأسانيد، مشتملا على أكمل ألفاظها وأصح معانيها. علم العلل فى المغرب ١/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>