أحاديث "الأحكام"، عاملا على ترتيبها وتكميل ما نقص منها، ثم وصف ابن
عبد الملك كتابه هذا بقوله:"فصار كتابي هذا من أنفع المصنفات وأغزرها
فائدة، حتى لو قلت: إنه لم يؤلف في بابه مثله لم أبعد، والله ينفع بالنية في
ذلك" (١)
نستفيد من نص العبدري أن ابن عبد الملك قد أخرج كتاب ابن المواق من مسودته، كما يفيدنا كلام ابن عبد الملك -في الذيل والتكملة- أنه جمع بين كتابي ابن القطان وابن المواق، مع كتاب عبد الحق الإشبيلي.
فلقائل أن يقول: ألا يمكن أن يكون هذا الكتاب الذي بين أيدينا هو كتاب ابن عبد الملك؟
والجواب عليه أن ابن عبد الملك وصف كتابه بأوصاف لا تنطبق على هذا الكتاب؛ منها:
أنه قام بعمل ضخم؛ حيث جمع فيه بين "بيان الوهم والإيهام" و"تعقب ابن المواق" وسائر أحاديث "الأحكام"، وهذا هو الذي أهله أن يصف كتابه بأنه من أنفع المصنفات وأغزرها فائدة، وأنه لم يؤلف في بابه مثله.
والذي يعود إلى الكتاب الذي بين أيدينا يجد أنه لا يشتمل إلا على الأحاديث المنتقدة في الكتابين المذكورين، فلا وجود للأحاديث التي لم تنتقد فيهما، بينما كتاب ابن عبد الملك كتاب جامع لسائر أحاديث الأحكام كما صرح هو بذلك.
ثم إن عبد الملك يشير إلى أنه رتب هذه الأحاديث وكمل ما نقص منها. وهذا الأمر لا يوجد في أحاديث الكتاب الذي بين يدي، فهو لا يهتم بترتيب الأحاديث، ولا باكمال ما نقص منها، بل همه النقد والتعليل والإستدراك عليها،
(١) الذيل والتكملة، لإبن عبد الملك: السفر الأول، القسم الأول ص: ٢٧٣ - الأعلام، للتعارجي ترجمة محمد بن محمد ابن عبد الملك المراكشي: ٤/ ٣٣٤.