كل حدثني طائفة من الحديث، وذلك يقع للمحدثين حيث يسمعون من جماعة، فيلتبس عليهم التعيين لكل لفظة لفظة، لكل شخص شخص، فيجمعون في الإسناد جميع رواته، ويجمعون في المتن جميع ألفاظهم، أو حيث يريدون الإختصار للفظ وجمع المعنى، لقول الزهري في حديث الإفك: سمعت/٥٢/ عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله عن حديث عائشة، ثم قال: كل حدثني طائفة من الحديث. وإني لأعجب من أبي الحسن كيف لم يقف على مسند الحارث، وقد طبق الأمصار، وطار في الآفاق، وقد كان ابن العربي يسمع عليه حياته: ثم أصحابه: ابن حُبَيْش، والحجري، ثم أصحابهما، ويزيدني عجبًا تسليم ابن المواق له ذلك، وإهماله المبحث عنه مع شدة بحثه، وإن الكتاب لا يخلو من مغرم بطلب الحديث، ولكن الإحاطة ممتنعة، ولابد للأول أن يسير للآخر. وإذ قد أورد أبو الحسن حديث الدارقطني، وهو حديث عصمة بن مالك، فلنورد مستدركا عليهما حديث الحارث بن أبي أسامة؛ وهو حديث عبد الله بن الحارث، قال الحارث بن أبي أسامة ما نصه: (حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أنا ابن جريج عن عبد الله بن أبي أمية، عن عبد الله بن الحارث عن أبي ربيعة؛ قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بسارق، فقالوا: يا رسول الله هذا غلام لأيتام من الأنصار، والله ما نعلم لهم مالا غيره، فتركه، ثم أتي به الثانية، فتركه، ثم أتي به الثالثة، فتركه، ثم أتي به الرابعة، فتركه، ثم أتي به الخامسة، فقطع يده، ثم أتي به السادسة ففطع رجله، ثم أتي به السابعة فقطع يده، ثم أتي به الثامنة، فقطع رجله انتهى. ونقلته من أصل مسموع على ابن العربي. وقد تبين لك من هذا الحديث أن حديث عبد الله بن الحارث ليس فيه أربع بأربع، وأن اللفظ الذي أورده أبو محمد أقرب الى سياق الدارقطني، إذ ليس بينهما شيء من الاختلاف في المعنى، غير أنه اختصر لفظه، وبين لك أن اللفظ الذي أورده أبو محمد، ليس لفظ الدارقطني، ولا لفظ الحارث، فاعلم ذلك، والله الموفق. اهـ من خط ابن رشيد اهـ. قلت: سمعت جزءا منتقى من مسند الحارث المذكور على بدر الدين بن معالي الحلبي، أنا ابن خليل، أنا الداراني، أنا الحداد، أنا أبو نعيم، أنا ابن خلاد، عن الحارث المذكور، قاله ابن التجيبي وفقه الله. اهـ ما بالأصل".