وإن قيل: بعدم بقاء الأعراض بتجدد الأمثال عادة، فعلى هذا لو مات في أثناء الصوم تبين أنه ما كان واجبًا عليه، وعلى رأينا تبيَّن عدم لزوم الإتمام، وعدم وجوب الكفارة على من أفسد الصوم بالوقاع، ثم جن على رأي لنا: لا يدل عليه، لاحتمال أنه من خصائص ما يجب إتمامه، فلو علمت المرأة بالعادة، أو بإخبار نبي، أو ولي أنها تحيض في يوم معين من رمضان فعلى رأينا "على" الأظهر: أنه يجب عليها الشروع، لتحقق الأمر في الحال، وعدم مبيح الإفطار فيه.
واتفق الكل على أنه المأمور لا يعلم كونه مأمورًا لو علم عدم تمكنه منه، إلا: على رأي من يقول بتكليف ما لا يطاق.
لنا:
(أ) أنه يثاب بمجرد عزمه على فعله عند تمكنه منه إجماعًا، ولا يثاب كذلك على ما ليس بمأمور وفاقًا.
فإن قلت: قد يثاب على عزم فعل ما ظن أنه مأمور به، وإن لم يكن كذلك فلا يدل على تحققه.
قلت: نمنع أنه ليس كذلك - إذ ذاك - فإنه يوجه الأمر نحوه باتباع ظنه، وكونه مأمورًا فرعه، سلمناه، لكنه لا سلم أنه يثاب على عزم فعل ما هو مأمور به في نفس الأمر، بل على ما هو كذلك في ظنه، وهو كذلك فيه.
(ب) أجمع من تقدم المخالف على أنه يجب على الصبي حين يبلغ أن يعتقد أنه مأمور بأركان الشريعة.
(ج) اعتبار نية الفرد وفاقًا في الصلاة المفروضة ينفيه، وفيه نظر، إذ التصريح به مُختلف، ونية الظهر والعصر لا تتضمنه، إذ الصبي ينوي ذلك ولا فرض.
(د) أجمعوا على أن من منع المكلف عن الصلاة في أول الوقت آثم بمنعه عن الصلاة الواجبة، وهو يمنع كون التمكن شرط تحقق الأمر.
(هـ) أن الأمر قد يحسن لمصلحة تنشأ من نفس الأمر على ما يأتي في النسخ، فلو كان التمكن من الفعل شرطه لما حسن.