لكن لا يجب نفي ما لا دليل عليه، وإلا: لزم نفي الباري تعالى في الأزل.
ودعوى انحصار جهاتها في الظلم والكذب والجهل، دعوى بالتقسيم المنتشر، ثم هي منقوضة بقبح صوم العيد.
لا يقال: لو قدح هذا في كون الإمام لطفا، لقدح في كون المعرفة لطفا، ولتعذر القطع بوجوب شيء على الله تعالى - لأنا نمنع امتناعهما، إذ هو بناء على التحسين والتقبيح العقلي، وقد تقدم بطلانه.
ثم الفرق: أن الإمامة لطف يجب على الله تعالى، وهو عالم بكل الأشياء، فلا يجب مع احتمال جهة قبح، والمعرفة تجب علينا، فقام الظن مقام العلم، والتعذر في معين، لا ما هو لظف.
سلمناه، لكنه يشتمل على مفسدة ترك المكلف الفعل القبيح، لا لقبحه بل لخوف الإمام، وترك المكلف القبيح لخوف العقاب على فعله، ليس منه، لأنه لازم ماهيته، وهو كتركه لقبحه، ولأنه لو كان قبيحا لما كان لازما لتكره، سملناه، لكنه لا يمكن الاحتراز عنه.
والاستدلال بورود الشر عبه على عدم قبحه مشترك بينه وبين الإمام، ولا يصير به شرعيا، لأنه بطريق التبيين ويشتمل على نفي زيادة المشقة في فعل الطاعة، وترك المعصية المقتضية لزيادة الثواب
ويشتمل على أنه ربما يكون سببا لعدم الانقياد والطاعة، وكذا قيل:{لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم}[الزخرف: آية ٣١] سلمناه لكن لا في كل زمان، إذ رب زمان يستنكف الناس فيه عن طاعة الريس، ويعلم الله تعالى منهم أن فعلهم الطاعة، وتركهم المعصية - عند عدم الإمام - أكثر، وهو وإن كان نادرا، لكنه محتمل في كل زمان، فلم يجب القطع بوجوبه في زمان ما.
والاستنكاف كما يقع عن معين يقع عن مطلق الإمام، كيف وهو عندهم إنما يقع عن معين، سلمناه، فلم لا يجوز أن يكون له بدل، كما أن الإمام لطفا غيره، سلمناه لكن في المصالح الدنيوية أو الدينية الشرعية، كإقامة الصلاة، وأداء الزكاة، على التقديرين لا يجب عقلا.
لا يقال: إنه لطف في الدينية العقلية، لأنه إذا حثهم على فعل الواجب، وترك القبيح