العقليين، تمرنت نفوسهم عليها، فأتوا بذلك، لوجه الوجوب والقبح، لأنا نمنع ذلك، إذ ربما يبغضونه، فيأتون بذلك بمجرد الخوف.
وقيل: الإنسان حريص على ما منع، ثم لا نسلم أن كل لطف واجب، ولا نسلم أنه كالتمكين، إذ ترك التواضع عند إرادة تناول الضيف الطعام، لا يقدح فيها، إلا: إذا بلغت الغاية، وبلوغ إرادة الله تعالى الطاعة إلى تلك الغاية ممنوع، بخلاف رد الباب: إذ المتفضل لا يجب عليه التفضل إلى الغاية، ثم إن ترك التواضع قد لا يشق، بخلاف الرد وليس الفعل مع عدم المعارض بدونه، ثم القياس لا يفيد العلم، والملازمة ممنوعة في الوجه الثاني، للفرق، إذ فعل المفسدة إضرار، وترك اللطف ترك النفع، وهذا قد لا يون قبيحا.
ثم إنما يجب لطف محصل لا مقرب، والإمام منه، ثم إنما يجب لو أمكن قرب زمان علم الله كفر كل من يخلقه فيه، أو فسقه، فلم يكن خلق المعصوم فيه.
ثم هو منقوض بعدم عصمة القضاة والأمراء والجيوش، وبعدم الإمام في كل بلدة، وبكونه عالما بالغيوب، وقادرا على الاختفاء عن العيون، والطيران في الهواء.
وعدم وجوبها لاحتمال مفسدة لا يعلمها فيها، يقدح في وجوب الإمام.
لا يقال: قد يجب أصل اللطف، دون المكمل، (لأن) دليلهما واحد، فتجب التسوية، ثم هو مبني على التحسين والتقبيح، ثم لا نسلم عصمته، والتسلسل (فيه) غير لازم، بل غايته. أنه يفتقر إلى لطف آخر، ولم لا يجوز أن تكون الأمة لطفا له، وهو لطف لهم، والدور إنما يمتنع فيما له تقدم بالرتبة على الآخر.
سلمنا لكنه لطف لكل واحد واحد منهم، ومجموعهم لطف له: ولا دور.
ولا يكفي في ذلك القدح في أدلة الإجماع، لأن ذلك ينفي الجزم، لا الاحتمال، ولا نسلم أن الإجماع يشتمل على قوله، وأن قوله صواب، إذ يجوز عندهم: فتوى الإمام بالكفر والفسق، خوفا وتقية فلعله خاف مخالفة الخلق، فأفتى به خوفا، أو لعله أفتى به سهوا، ونسيانا - أو وإن كان ذنبا لكنه صغيرة، وهي تقدح في العصمة.
لا يقال: هي منفرة، لأن العجز الشديد، والفتوى بالكفر والفسق مع الأيمان المغلظة، أكثر تنفيرا مع تجويزكم إياه.