وهو أعم الاعتراضات، لتطرقه إلى جميع مقدمات القياس، ولا تخفى كيفية توجهه إليها، والجواب عنه: فإن طريق ذلك مشهور.
لكن في انقطاع المستدل عنه توجه المنع إلى حكم الأصل.
ثالثها: اختار الأستاذ: أنه إن كان ظاهرا: لا، كمنع أن النكاح يبطل بموت الزوجين، لو قيس الإجارة عليه، فإنه انتهاؤه عندنا وعندكم - أيضا - استحسانا، إذ الفرق بين البطلان والانتهاء خفي، فلم يعد انقطاعا.
وقال الغزالي: يتبع في ذلك عرف مكان المناظرة. ونقل عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي: أنه لا يصير منقطعا، ولا يجب عليه ذكر الدلالة على الحكم. وهذا لا يتجه إلا: إذا فرع على مذهب نفسه، فله أن يقول: إنما قست على أصلي، لكن لا يتصور منه منع وتسليم، أو يقل: إنما قست لظني أن الحكم في الأصل ثابت عندكم، فإذا هو غير ثابت، فلا أقيس عليه، فلا يعد منقطعا، بناء على ظنه. ولمن قال بانقطاعه مطلقا: أنه عدل عما شرع فيه ابتداء، وهو ذكر الدلالة على حكم الفرع، فكان كالإنتقال إلى غيره. ولمن قال بعدمه مطلقا: أنه من لوازم المطلوب، فكان ذكر الدلالة عليه، كذكر الدلالة على غيره من المقدمات، بخلاف العدول إلى الأجنبي، فإنه يعد إعراضا عن المطلوب فكان انقطاعا.
فإن قلت: ما دل على حكم الأصل، إذا كان عاما والحكم غير ثابت، فإذا منع بناء على ذلك - وليس للمستدل دليل على - ثوبته في كله - فهل يصير منقطعا، أم له أن يقول: إنما قست على ما ثبت فيه الحكم.
قلت: الأشبه أنه لا ينقطع به، وغايته أنه أطلق عاما، وأراد خاصا. وقيل: بانقطاعه نطر إلى ظاهر اللفظ، وما ذكر وإن كان جائزا، لكنه خلاف الأصل، فلعله بدا له ذلك بعد المنع. وإذا كان في المسألة روايتان عن إمام الخصم، أو عن بعض أصحابه فله أن يمنع الحكم بناء على أحد الروايتين، وللمستدل ان يجيب عنه: بأن الأشهر أو المفتي به ما قست عليه، والأخرى