يؤكل، أو ما جهل حاله، ككونه مذبوحا أو ميتة، وما نحن فيه ليس كذلك. قلتك كون ذلك مرادا لا يقتضي عدم إرادة غيره، وإن عنى به أنه كل المراد: فممنوع، ثم لا نسلم أن ما نحن فيه ليس كذلك، لأن حرمة تينك الجهتين بتحريم الشارع، فإذا كان اجتماعهما في الشيء موجبا للحرمة فكذا اجتماع الخبرين، بل أولى، لأصالتهما.
لا يقال: الفرق، وهو: أن جهتي الحل والحرمة حاصلتان معا في الشيء بخلاف الخبرين، لأن ذلك غير حاصل في كل الصور، كما في مجهول الحال، فإنه لم يتحقق فيه الذبح والموت معا.
فلو قيل: الموجب لذلك كونه مشكوكا فيه، وهو حاصل فيه - لقيل مثله في الخبرين، فإن الموجب لذلك كونه مقولا فيه بالحرمة والإباحة وهو حاصل فيه.
(ب) قال عثمان - رضي الله عنه - في الأختين المملوكتين:(أحلتهما آية وحرمتهما آية، والتحريم أولى)، واشتهر ذلك منه، ولم ينكر فكان إجماعا.
(ج) أن من طلق إحدى نسائه، أو أعتق إحدى إمائه، ونسى عينهما - حرم عليه الكل، فكذا ما نحن فيه، بجامع أن تغليب الحرمة على الحل يدفع ظن ضرر العقاب عن النفس.
(د) أن ترك المباح أولى من فعل المحرم، فالتحريم أحوط، وأما الخطأ في الاعتقاد فمشترك.
للآخرين:
(أ) أن في ترجيح خبر الإباحة لم يقطع بفوات مصلحة الحظ، لجواز أن يتركه، بخلاف عكسه، فكان أولى.
(ب) كونه مباحا من التخيير معلوم، وحرمته من النهي ليس كذلك، لتردده بين محامله، فكان الإباحة أولى.
وأجيب:
عن (أ) أنه مبني على وجوب رعاية المصالح، ثم بمنع أنه لم يقطع بفوات مصلحة الحظر،