ونقل الإمام الإجماع في ترجحها على الطرق العقلية مطلقا، لكن أبدى فيه نظرا، يدل (على ما ذكرنا وإن كان، فما أبدى من النظر: نظر) على ما ذكرنا في (النهاية).
ثم إن لم تشترط المناسبة في المومأ إليه، فما اتصف بها أولى من غيره، وإنما الراجح بشرط تساويهما وإلا: فتعارض. والنظر في نفس الإيماء أولى من دليله.
(أ) لأنها علة لعلية العلة، فتأثيرها لها لا لدورانه، فإنه أمارة العلية، ولأنه يوجد بدونها، كما في سبق في فصله، وتوجد بدونه كما إذا كانت أخفى أو مع المناسبة فالمناسبة أولى. والمناسبة أولى من الدوران.
(ب) أن ظن العلية فيها أكثر للاتسقراء، فكانت أولى. وقيل: الدوران أولى.
(أ) لأن المضطرد المنعكس أشبه بالعلل العقلية، وصحته مجمع عليها.
وأجيب:
(ب) علل الشرع معرفات، والطرد والعكس أدخل في التعريف منها عن (أ): بمدى وجوب العكس في العقلية، وقد عرف سنده ثم لا نسلم أن الأشبه بها أولى، فإن العقلية موجهة، والشرعية معرفة أو داعية، ومع الفرق لا يمكن اعتبار أحدهما بالآخر، والإجماع إنما هو في مطرد منعكس مناسب، والكلام في مناسب غير مطرد منعكس، وفي منعكس مطرد غير مناسب، وترجحه عليه ممنوع، وهذا لأن الطرد غير معتبر والعكس غير واجب، ومقتضى هذا: أن لا يكون الدوران حجة، ترك العمل في الخالي عن المعارض فيبقى على الأصل في غيره، لأنه غيره، ثم المناسب - أيضا - مجمع عليه بين القائسين.
وعن (ب): بمنعه، فإنه إذا كانت منضبطة بوصف كانت مناسبة ومعرفته، ثم هو معارض لفوائدها. والمناسب أولى من التأثير، لأن تأثيرها لنفسها، وتأثير المؤثر بواسطة، فكانت أولى، ولأنه مفتقر إليها من غير عكس.
والمناسبة أولى من السبر الظني الذي جميع مقدماته ظنية فإن كان البعض قطعيا: فذلك