يختلف بحسب كثرة إفادة الظن وقلته، فإن تساويا فيه تساويا.
وقيل:
المناسبة أولى: نظرا إلى أن نوعها راجح على نوعه. ثم الدليل على رجحانها على الظني:
(أ) أنه يفتقر إلى ثلاث مقدمات، وليس الدال عليها قطعيا. وإلا: لكان قطعيا وليس كلامنا فيه، وهو: إما المناسبة أو غيرها.
والمناسبة المستقلة أولى من غير المستقلة، وغيرها إما عقلي أو غيره، وهي أولى من العقلي بأسرها، مع أنها وحدها كافية، وكذا من غيره، إيماء كان أو غيره، لقلة مقدماتها وكثرة السبر مع مقدمات ذلك الدليل.
(ب) القياس يخص به العام، وإن كان مقطوع المتن، فإذا تقدم على العام، فلأن يقدم السبر بالطريق الأولى.
وزيف:
بأن ذلك لخصوصه، وما نحن فيه ليس كذلك.
(ح) الاستدلال له بالمناسبة على العلية: استدلال بما به العلية عليها، والسبر ليس كذلك، فهي أولى.
وقيل:
السبر أولى، لأنه يفيد مع ظن العلية نفي المعارض، وهي ليست كذلك.
وأجيب:
بمنع أن ذلك يوجب الترجيح، وهذا لأنه لا يفيد قوة في العلة بل هو خارج عنها، سلمناه لكن عند تساوي الظن بالعلية، وهو ممنوع، ثم إن هذه الفائدة معارضة بفوائد المناسبة، والترجيح معنا لأنها متعددة.
ومنه يعرف أن المناسبة راجحة على بقية الطرق. ثم المناسبات يترجح بعضها على بعض، فأعلاها: التي في محل الضرورة، ثم ما هي من كمالاتها، ثم التي في محل الحاجة، ثم كمالاتها. ثم التي في محل الزينة والتتمة. وفي كل نوع من الأنواع مراتب: فأعلاها: المراتب الضرورية: حفظ الدين: إذ به تحصل السعادة الأبدية، ثم حفظ النفس.