ما ذكرتم لغة، وفي الشرع:(عبارة عمن انتحل دينا مخصوصا مطلقا)، وهو وإن كان خلاف الأصل - لكن يصار إليه لتبادر الذهن إليه عند سماعه. ولأن كثيرا منهم يعرفون معناه مع عدم علمهم بأنه للستر، ولإجماع الكل على إطلاقه عليه مطلقا. ثم بمنع أنه لا يتحقق إلا: في المعاند، إذ سبر الشيء لا يتوقف على علمه، وكذا لو بسط ثوبا من غير علمه به يقال: ستره بالثوب، والتخصيص خلاف الأصل، وسنجيب عما يأتي، ونعلم بطلان إطباق الكل على الظن عادة.
(ب) قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك}[النساء: آية ٤٨] ونحوه من النصوص الدالة على أن الشرك لا يغفر، من غير فصل بين المعاند والمجتهد الذي لم يعرف حقيته والمقلد، بل بعضهم قاطعون بصحة ما انتحلوه دينا، ويحققه الاستقراء، وما ذاك إلا: للشبهة ثم إنه يقتضي عدم توجيه الذم إليه، إذا كان جازما بحقيته، وهو معلوم الفساد بالضوررة، بل يعلم أن إنكارهم عليه أشد.
(ج) نعلم - قطعا - أنه - عليه السلام - أمر الكفار بالإيمان به، وذمهم على إصرارهم على عقائدهم، وقاتلهم، وكان يكشف عن مؤتزرهم ويقتل من بلغ منهم، مع القطع بأن المعاند منهم نادر.
وأورد:
بأنه لتركهم التعلم والنظر على وجه ما ينبغي، والإصرار على ما اعتقدوه أولا مع أنهم أرشدوا إلى دلائل العقائد الحقة.
ورد:
بامتناع حمله على ذلك عادة، فإنا نعلم قطعا، أن الكل ليس كذلك، كما أن كلهم ليسوا عرافين معاندين، بل أكثرهم مقلدة، وأقلهم معاندون، وبعضهم مجتهدون، معتقدون حقيته، لشبهة اعتقدوها دلائل.
(د) الإجماع عليه من السلف والخلف قبل ظهور المخالف، فإنهم مطبقون على ذم الفلاسفة والمجسمة، بل أهل البدع والأهواء، مع أنهم أصحاب النظر الاستدلال، غير