وأجيب عنه بإجماع الأمة على الترجيح بأمور حقيقية، وسنده ما سبق.
وعن (ب): أن مقدار الرجحان ممكن الاطلاع عليه، وإلا: لم يكلف إلا: بالمشترك بين الأمارات. و - حينئذ - لا رجحان بالنسبة إلى المكلف - هذا خلف - ثم إن لم يكلف بالوصول إلى أقصى الإمكان، لم تكن التخطئة عند بعض المراتب أولى، فكل من عمل بالظن - ولو مع ألف تقصير - مصيب - هذا خلف - فهو مكلف به، فإذا لم يصل إليه كان مخطئا.
وفيه نظر، من حيث إن المكلف به - وإن كان هو أقصى الإمكان - لكن بالنسبة إلى ظنه، لا بالنسبة إلى نفس الأمر، و - حينئذ - لا يلزم الخطأ إذا انتهى إلى أقصى الإمكان بالنسبة إلى ظنه - وإن كان لا يصل إلى أقصى الإمكان بالنسبة إلى ما في نفس الأمر - ثم إنه خطأ في الطريق، ولا نزاع فيه.
(و) المجتهد مستدل، والاستدلال بالدليل على المدلول متوقف على وجودهما، فامتنع حصول المدلول بعد الظن الحاصل بعده. فإن قلت: المطلوب ظن الحكم لا الحكم. قلت: إن كان ظن تقتضيه الأمارة: فالمحذور لازم، أو غيره: فباطل وفاقا.
(ز) المجتهد طالب، فمتوقف على مطلوب، متقدم على طلبه، فامتنع حصوله بعده، وهو كالأول.
والاستدلال عليه: بأن تصويب الكل يقتضي الجمع بين المتنافيين ضعيف جدا، فإن اتحاد النسبة معتبر فيه وفاقا، وهو غير حاصل.
(ح) أن تصويب الكل يفضي إلى منازعة لا يمكن قطعها، فإن المجتهد إذا قال لامرأته المجتهدة:(أنت بائن) ثم راجعها، لأنه يرى الرجعة بالكنايات، والمرأة تنكر ذلك، فإنهما يتنازعان في الوطء منازعة لا يمكن قطعها، وكذا نحوها من المسائل، والمنازعة التي يمكن رفعها شرعا محال، فما أفضي إليه - أيضا - كذلك.