ضعيف، لأنا نمنع لزوم الخطأ في أحد الاعتقادين، وإنما يصح الترديد في خلو الأمارة عن الرجحان وعدمه في نفس الأمر - أن لو كان له وجود في الخارج - وهو ممنوع، بل هو أمر اعتباري شرعي، يؤكده أن القائل به جعله من صور الخلاف، ولو كان أمرا حقيقيا لم يكن منه.
ثم هذا الاعتقاد غير لازم للحكم بها، فلم يكن الخطأ لازما، وإن أورد ذلك بالنسبة إلى الظن - فيمتنع لزوم الخطأ في الاعتقادين، أو في أحدهما، بل كل واحد منهما راجح بالنسبة إلى اعتقاده. وما يقال: إن الرجحان في الذهن: إما بنفس اعتقاد الرجحان في الخارج، أوأمر لا ثبت إلا معه، لأن العلم بالضرورة أنا إذا اعتقدنا في الشيء أن وجوده مساو لعدمه، فمعه يمتنع أن يكون اعتقاد وجوده راجحا على عدمه. ضعيف: لأنا نمنع ذلك عند اختلاف متعلقهما من الذهن والخارج. ثم ذلك فيما له وجود في الخارج.
ثم كون الشيء لا يبقى عند تعقل غيره، ولا يدل على أنه عينه، أو لا ينفك عنه، فإن الضد قد يعقل مع الذهول عن ضده، فضلا عن عدمه، مع أنه لا ينفي ذلك عند تعقل وجوده. هذا إن أريد به عدم الانفكاك في الذهن، أما في الخارج: فإنما يتأتى فيما له وجود خارجي، وهو ممنوع فيما نحن فيه.
ثم إنه معارض بما أنه لو كان نفس اعتقاد رجحانه في الخارج أو أمر لا ينفك عنه لما تصور وجوده بدونه.
(هـ) المجتهد مكلف بالحكم بطريق، إذ هو بالتشهي باطل وفاقا، وذلك الطريق: إن خلا عن المعارض- تعين العمل به، وإلا: فبالراجح إن ترجح أحدهما، وإلا فالتخيير أو التساقط، والرجوع إلى غيرهما، وعلى كل تقدير يعين الحكم: فمخالفه مخطئ.
لا يقال: إن وجد في المجتهد فيه طريق: فمخالفه مستحق للعقاب، لما سبق، وإلا: فامتناع الحكم فيه بالتشهي ممنوع. ثم إنما يجب العمل بالراجح لو علم، وعلم رجحانه، وقد يعتقد المكلف لعين المرجوح أو رجحانه، لأنه إن عنى بالطريق ما يفيد القطع لم يلزم من عدمه جواز الحكم بالتشهي، وإلا: لم يلزم العقاب لأن مخالفة الظني معتبرة لما سبق.
(و) أيضا - فالإجماع منعقد على تحريم القول في الدين بالتشهي مطلقا.