للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء كانوا معظم الأعراب الذين يقول الله سبحانه فيهم: «قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا. وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ» (١٤: الحجرات) .

ولهذا فقد ارتدّ كثير منهم عن الإسلام، بعد وفاة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، إذ لم يك الإيمان قد دخل قلوبهم وسكن إليها.

فهؤلاء مسلمون قد دخلوا فى صفوف المسلمين، وحاربوا مع المؤمنين، فلم يكن فيهم من القوى الروحية ما يرفعهم كثيرا عن المشركين، ويجعل قوة الواحد منهم تعدل قوة رجلين من العدوّ، فضلا عن عشرة.. ولهذا أضيف حسابهم إلى حساب الصفوة المختارة من المسلمين، من صحابة رسول الله من المهاجرين والأنصار، الذين كانت ولا تزال قوة الواحد منهم تعدل عشرة من الكافرين.. وبهذا صار حساب المسلمين فى مجموعهم قائما على هذا التقدير:

الواحد منهم باثنين من عدوّهم.. على حين أن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما زال الواحد منهم يرجح فى نفسه عشرة من الكافرين..

بل وأكثر من هذا.. فإن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يكونوا على درجة واحدة فى هذه القوة.. بل كان فيهم من يرجح العشرين، والثلاثين بل والمائة من العدوّ، على حين كان فيهم من يرجح الاثنين أو الثلاثة أو الأربعة، أو العشرة.. فإذا أضيف حساب بعضهم إلى بعض كانوا فى مجموعهم على هذا التقدير الذي أخبر القرآن الكريم به، وهو أن الواحد منهم يرجح عشرة من عدوهم..

وهذا هو السرّ فى أن المؤمنين قد لبسوا صفه واحدة، وحسبوا كيانا واحدا فى قوله تعالى: «إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ» ، ولم يجىء الخبر القرآنى عنهم بلفظ المفرد.. هكذا: الواحد منكم يغلب عشرة..!

<<  <  ج: ص:  >  >>