للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالثابت من تاريخ القرآن- كما قلنا- أن آيات كثيرة نزلت، ثم لم تأخذ مكانها فى السور التي هى منها، إلا بعد زمن امتدّ بضع سنين..!

فهذه الآيات التي سبقت سورها، إنما كانت للتعجيل ببشريات للنبىّ وللمؤمنين.. معه..

فسورة الأنفال مثلا، وهى مدنيّة باتفاق.. قد ضمّ إليها سبع آيات كانت قد نزلت بمكة.. وهى قوله تعالى:

«وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ» [٣٠- ٣٦: الأنفال] ..

ففى ظلّ هذه الآيات استروح النبىّ والمؤمنون- وهم فى مكة- أرواح الأمل والرجاء، ومن تلقاه هذه الآيات استقبل النبىّ والمؤمنون بشائر النّصر لهذا الدّين، الذي تلقّى على يد المشركين ألوانا من الكيد والمكر، وضروبا من السفاهة والجهل..

لقد كانت تلك الآيات، وكثير عيرها، هى الزاد الذي يتزود به النبي والمؤمنون، أثناء تلك الرحلة القاسية التي قطعها النبي والمؤمنون معه فى شعاب

<<  <  ج: ص:  >  >>