للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالروح هنا، كلمات الله تنزل بها الملائكة على رسل الله، ليبلغوها أقوامهم الذين أرسلوا إليهم.. وقد اتصلت كلمة الروح فى هاتين الآيتين بقوله تعالى:

«مِنْ أَمْرِهِ» كما اتصلت فى قوله تعالى: «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ» .. فكان الرّد عليهم: «قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي» .. وفى هذا قرينة على أن الروح هنا هو الروح هناك..

وأصرح من هذا، فى الدلالة على أن المراد بالروح هو القرآن الكريم ما جاء فى سورة الشورى فى قوله تعالى: «وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ، وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» (الآية: ٥٢) .. فالروح هنا صريح الدلالة على أن المراد به هو القرآن الكريم..

وكذلك ما جاء فى سورة القدر: «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ..» ففى ليلة القدر تنزل الملائكة، كما نزل القرآن الكريم فيها، إذ يقول سبحانه وتعالى: «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ..

وفى اقتران نزول «الروح» بقوله تعالى: «مِنْ أَمْرِ رَبِّي» و «مِنْ أَمْرِهِ» و «مِنْ أَمْرِنا» و «مِنْ كُلِّ أَمْرٍ» إشارة إلى ما يحمل القرآن الكريم من أحكام الله سبحانه وتعالى، وما قضى به سبحانه، من أمر ونهى.. وخصّ الأمر بالذكر، لأن النهى فى حقيقته أمر بالترك للمنهىّ عنه ومجانيته، فهو داخل حكما فى الأمر..

وهذا المفهوم لكلمة «الروح» وأن المراد بها القرآن الكريم، يسانده ما جاء فى الآية الكريمة بعد هذا «وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» حيث كان المشركون يسألون عن القرآن الكريم سؤال استهزاء، من أين جاء به؟

<<  <  ج: ص:  >  >>