للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمن أخذه؟ ومن أعانه عليه، كما يقول الله سبحانه وتعالى عنهم: «وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ.. فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً» (٤: الفرقان) .

وقد جاء الرد عليهم فى قوله سبحانه: «وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» أي فهذا القرآن وما اشتمل عليه من علم، هو من بعض علم الله..

قوله تعالى: «وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً» .

المشيئة الإلهية هنا غير مرادة ولا واقعة، لأنها معلقة بإرادة الله سبحانه وتعالى.. والله سبحانه وتعالى لا يريدها.. فهى مشيئة غير مشاءة.. «فلو» حرف شرط، يفيد امتناع الشرط لامتناع جوابه.. والتقدير: لو شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك.. ولكننا لم نشأ..

والغرض من هذا الشرط غير الواقع، الإشارة إلى أنه ممكن الوقوع، وأن إمكان وقوعه متوقف على مشيئة صاحب المشيئة.. ومنه قوله تعالى: «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً» .. ولكنه سبحانه وتعالى لم يشأ أن يقع هذا، ولذلك جاء التعقيب بعد ذلك: «وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ.. وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ» وفى توكيد الفعل الواقعة عليه المشيئة: «لنذهبنّ» - إشارة إلى ما لمشيئة الله سبحانه وتعالى من سلطان غالب لا يدفع، وقوة قاهرة لا تردّ..

وفى الآية إلفات إلى العلم الكثير الذي اشتمل عليه القرآن الكريم، والذي ضمّت عليه آياته وكلماته، وأنه إذا أصغت الآذان إليه، وتفتحت القلوب له، ووردت العقول موارده- وجد عنده واردوه، والمتعاملون معه، والآخذون منه، مذخورا لا ينفد من العلم والمعرفة.. كما يقول سبحانه وتعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>