فهو فى حدث السفينة يقول:«فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها» مضيفا الفعل إليه، وجعله عن إرادة منه وحده..
وفى قتل الغلام، يقول:«فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً» .. مضيفا الفعل هنا إلى ضمير المتكلمين «نا» .
أما فى إقامة الجدار، فيقول:«فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ» مضيفا الفعل إلى الله وحده..
ولا شك أن وراء هذا الاختلاف فى الموقف الذي يأخذه العبد الصالح من هذه القضايا، والدور الذي يبدو فيه على مسرح أحداثها- لا شك أن وراء هذا الاختلاف أسرارا لطيفة، إذا كشف الحجاب عن بعضها، أشرقت منه وجوه وضيئة، من الإعجاز المبين، لآيات الله وكلماته..
فمن تلك الأسرار، لهذا الاختلاف فى موقف العبد الصالح من هذه الأحداث، أنه فى حادث السفينة نسب الفعل إليه بقوله:«فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها» وذلك لأن أثر الحدث جاء فى أعقاب الفعل مباشرة، بحيث لم يكن هناك وقت بين خرق السفينة، وصرف نظر الملك أو أعوانه عنها، للعيب الذي كان فيها.. ولو كان هناك وقت بين خرق السفينة، وبين مرور الملك أو أعوانه بها، بحيث يسمح لأصحابها بإصلاح ما أفسد العبد الصالح منها لما سلمت من أخذها من أيدى أصحابها.. ولما كان للخرق الذي أحدثه فيها حكمة..
وذلك أمر إن لم يلحظه موسى فى حينه، ولم يدرك السرّ الذي من أجله سلمت السفينة المعطوبة لأصحابها- فإنه قد وقع منه موقع اليقين حين كشف له صاحبه